آخر الأخبارمقالات الرأي
أخر الأخبار

د/ رضا فتحي أحمد يكتب الآفاق المستقبلية في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة تداعيات السياسات المتطرفة على القضية الفلسطينية والعالم

بقلم الدكتور/ رضا فتحي أحمد

تعيش المنطقة العربية والعالم على وقع التحديات السياسية الكبرى، وفي مقدمتها التأثيرات المحتملة للإدارة الأمريكية الجديدة على الصعيدين الإقليمي والدولي. في حال عودة إدارة أمريكية أكثر تطرفًا في مواقفها تجاه العرب والمسلمين والقضية الفلسطينية، كما حدث في فترة رئاسة دونالد ترامب (2017-2021)، فإن المستقبل يبدو معقدًا ومليئًا بالتحديات. سياسة ترامب كانت تتسم بمواقف متشددة في العديد من الملفات، من أبرزها القضية الفلسطينية والصراع في الشرق الأوسط، ولعل المعضلة الأكبر تكمن في احتمال عودة سياسة مشابهة قد تؤدي إلى تداعيات كارثية على الاستقرار الإقليمي والدولي.

تداعيات السياسات الأمريكية المتطرفة

  1. القضية الفلسطينية: دعم غير مشروط لإسرائيل إحدى أبرز السياسات التي اتبعتها إدارة ترامب كانت دعم إسرائيل بشكل غير مشروط، حيث تم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، إضافة إلى دعم المشاريع الاستيطانية الإسرائيلية. إذا عادت إدارة أمريكية مشابهة، فمن المحتمل أن تستمر في تعزيز هذه السياسات، مما يعرقل أي جهود لحل الدولتين، ويزيد من تعقيد الوضع الفلسطيني. خاصة في ظل تصريحات قادة إسرائيليين متطرفين، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي تحدث عن ضم الضفة الغربية وتهجير الفلسطينيين إلى الأردن وغزة، ما يعكس نوايا إسرائيلية تهدد بمزيد من الانتهاكات لحقوق الفلسطينيين.
  • زيادة عزلة فلسطين على الساحة الدولية تسعى الإدارة الأمريكية الجديدة إلى ممارسة ضغوط متزايدة على الدول التي تدعم القضية الفلسطينية، سواء عبر تقليص المساعدات أو فرض عقوبات اقتصادية، مما يساهم في زيادة عزلة فلسطين على الساحة الدولية. هذه السياسات قد تضعف الدعم الدولي لفلسطين، مما يزيد من معاناة الشعب الفلسطيني ويقلل من فرص الحصول على الدعم اللازم لتحقيق حقوقه المشروعة.
  • تصعيد التوترات في الشرق الأوسط التوجهات المتشددة من الإدارة الأمريكية قد تؤدي إلى تصعيد النزاع مع إيران ودول أخرى في المنطقة، ما يزيد من احتمالات اندلاع صراعات جديدة أو تفاقم الأزمات الحالية. تصعيد التوترات قد يؤثر بشكل مباشر على استقرار المنطقة ويزيد من العنف والتهديدات الأمنية في دول مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن.
  • تقويض دور المنظمات الدولية من المتوقع أن تعمل الإدارة الأمريكية على تقويض دور المؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة، التي تدعم حقوق الفلسطينيين أو التي تسعى إلى تقييد النفوذ الأمريكي والإسرائيلي. هذا من شأنه أن يزيد من تراجع قدرة هذه المنظمات على التأثير في القضايا الدولية، ويعزز الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية في الشؤون العالمية.
  • استقطاب عالمي أكبر وظهور تحالفات جديدة السياسات المتطرفة قد تؤدي إلى انقسام أكبر في المجتمع الدولي بين مؤيدين ومعارضين للسياسات الأمريكية. هذا الانقسام قد يعمق الاستقطاب العالمي ويعقد التعاون في قضايا حيوية مثل تغير المناخ، وحل الأزمات الاقتصادية، والأمن الدولي. من جهة أخرى، قد تدفع الدول المتضررة من هذه السياسات إلى تشكيل تحالفات جديدة مع قوى مثل الصين وروسيا، مما يعيد تشكيل النظام الدولي بشكل يعكس توازنات جديدة.
  • تأثيرات داخلية على الولايات المتحدة داخل الولايات المتحدة نفسها، قد تؤدي السياسات المتشددة إلى تفاقم الانقسامات السياسية والاجتماعية بين التيارات المؤيدة والمعارضة لهذه السياسات. هذا قد يؤثر بشكل سلبي على الاستقرار الداخلي الأمريكي، حيث تزداد الانقسامات العميقة في المجتمع الأمريكي بين الجمهوريين والديمقراطيين، وبين مؤيدي السياسة الخارجية المتطرفة والمعارضين لها.

الدور العربي والإسلامي في مواجهة التحديات

في الوقت الذي تزداد فيه التحديات الإقليمية والدولية، برز الدور العربي والإسلامي كعنصر أساسي في الدفاع عن القضية الفلسطينية. في القمة العربية الإسلامية التي عُقدت مؤخرًا في الرياض، التي حضرها 57 دولة، تم التأكيد على دعم قوي وغير مشروط للقضية الفلسطينية، ما يعكس وحدة الموقف العربي والإسلامي في مواجهة التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني. هذا الحضور الواسع يشكل رسالة قوية للمجتمع الدولي حول أولوية القضية الفلسطينية، ويؤكد على أنها ليست مجرد قضية إقليمية، بل قضية إنسانية وسياسية ذات طابع عالمي.

وقد حصلت دولة فلسطين على اعتراف من 138 دولة من أصل 193 عضوًا في الأمم المتحدة، أي ما يعادل 71.5% من المجتمع الدولي. هذا الدعم الواسع يعكس مكانة القضية الفلسطينية كقضية تتجاوز حدود العالم العربي والإسلامي، ويُظهر أن معظم المجتمع الدولي يقف إلى جانب حقوق الشعب الفلسطيني.

إمكانات التحرك الجماعي ومقاطعة الأمم المتحدة كأداة ضغط

إذا ما تم استثمار هذا الدعم الدولي بفاعلية أكبر، فإنه قد يشكل قوة مؤثرة يمكن أن تعيد رسم ملامح التضامن العربي والإسلامي مع فلسطين. وفي حال قررت الدول الـ 138 التي تعترف بفلسطين مقاطعة الأمم المتحدة، فإن ذلك قد يؤدي إلى مجموعة من التأثيرات الهامة:

  1. أزمة شرعية للأمم المتحدة مقاطعة هذا العدد الكبير من الدول قد يضع الأمم المتحدة في أزمة شرعية، حيث ستظهر كمنظمة غير قادرة على تمثيل إرادة غالبية الدول الأعضاء.
  • شلل في العمل الدولي الدول التي تعترف بفلسطين تشمل قوى كبيرة من مختلف القارات، وبالتالي فإن انسحابها قد يؤدي إلى شلل في العديد من الهيئات الأممية، مثل الجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي.
  • ضغط سياسي هائل مقاطعة الأمم المتحدة من قبل هذا العدد الكبير من الدول سيشكل ضغطًا كبيرًا على الدول المعارضة لحقوق الشعب الفلسطيني، خاصة إذا اقترنت بحملات دبلوماسية وإعلامية لشرح أسباب المقاطعة.
  • تأثير اقتصادي عالمي الدول التي تعترف بفلسطين تضم أسواقًا كبيرة واقتصادات مؤثرة، خاصة في العالم الإسلامي. انسحابها من المؤسسات الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة قد يؤدي إلى ارتباك في النظام الاقتصادي العالمي.
  • تقويض مبدأ التعاون الدولي قد يؤدي هذا إلى خلق انقسامات عميقة داخل المجتمع الدولي، ويشجع دولًا أخرى ذات قضايا مشابهة على تبني مواقف مقاطعة، مما يهدد فكرة التعاون الجماعي والتعددية الدولية.

على الرغم من أن اتخاذ مثل هذه الخطوة يتطلب تنسيقًا دبلوماسيًا كبيرًا وإرادة سياسية موحدة، وهو أمر قد يكون صعبًا في ظل التحديات الحالية، فإن ذلك ليس مستحيلًا. إذا تم تنفيذ هذه الخطوة، فقد تكون وسيلة فعالة لإعادة تسليط الضوء على القضية الفلسطينية وإبراز الظلم الذي يعانيه الشعب الفلسطيني على الساحة الدولية.

فإدارة أمريكية متطرفة قد تؤدي إلى مزيد من التوتر في الشرق الأوسط والعالم، وتعرقل أي فرص لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. ومع ذلك، تبقى القوى العربية والإسلامية في موقع القوة من خلال التضامن الدولي ودعم القضية الفلسطينية. وإذا تم استخدام هذه الأدوات بذكاء، يمكن لهذه الدول أن تخلق تحولًا حاسمًا في موازين القوى الدولية، وبالتالي تحقيق تقدم حقيقي في القضية الفلسطينية على الصعيدين السياسي والإنساني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من بوابة قطاع الأعمال الإخبارية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading